ثرية البراشدية: أطمح في نشر ثقافة المواطنة لدى النشء، وأن تطبق دراستي عمليا

>>أجرت الحوار : بثينة بنت عبدالله الفوري

•   ثمة شعور ذاتي كبير يخالجني حول بعض جوانب التقصير في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة من قبل مؤسساتنا التعليمية
•   الوزارة: لم ترسم خطة واضحة لدور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة
•   الدراسة: تضيف بُعداً آخر لأبعاد دراسة المواطنة على المستوى الوطني

   المرأة العمانية استطاعت وبجدارة أن تبرز نفسها بإنجازاتها التي تفاجئنا بها بين الحين والآخر ، تزايد صدى إبداع المرأة العمانية في جميع المجالات وامتازت في مناقشة وتحليل قضايا ومواضيع تخص الفرد والمجتمع، وها نحن اليوم  في فتون نستضيف باحثة عمانية لها مراسها  في سماء البحث والدراسات ، ثرية بنت أحمد  بن سليمان البراشدية  عضو دراسات ومتابعة مكتب مدير عام المديرية العامة لتنمية الموارد البشرية .حاصلة على ماجستير بمرتبة الشرف من جامعة نزوى في بحثها الذي ناقش (دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد  الأساسي بسلطنة عمان ). من خلال هذا الحوار سنبحر مع ثرية كي نرى مشوارها الذي خطته في إتمام دراستها  وعن طموحاتها المستقبلية التي تود انجازها وماذا ترتجي  أن يتم في مدارسنا . 

-حديثا عن سبب اختيارك  للتعمق في هذا الموضوع؟

لاشك أن قضية المواطنة والتربية عليها – في الآونة الأخيرة- نالت أهميَّة قصوى، واحتلت مكاناً بارزاً في الخطابات الرسمية؛ التي باتت تناشد جميع المؤسسات التربوية بممارسة دورها الفاعل نحو تربية الأجيال تربية متكاملة، والعمل على غرس قيم وثقافة المجتمع ومعتقداته في نفس المتعلم، وتنمية الجانب الإدراكي والانفعالي والوجداني في شخصيته. ولا يختلف اثنان في أن المدرسة بجميع عناصرها التعليمية التعلمية تقف أمامها واجبات سامية نحو الوطن، فهي ملزمة في ظل المستجدات الراهنة بإعداد مخرجات واعية لمسؤوليات المواطنة على المستوى الوطني أو العالمي.

-ثرية …هل تشعرين أن هنالك قصور في بناء روح المواطنة لدى الطلبة؟

   نعم، لا أخفي عليكم أن ثمة شعور ذاتي كبير يخالجني حول بعض جوانب التقصير في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة من قبل مؤسساتنا التعليمية خاصة فيما يتعلق بدور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة؛ ومن أجل تحديد مشكلة الدراسة بأسلوب علمي دون الاعتماد على مسألة الإحساس بالمشكلة فقمت بدايةً بإجراء دراسة استطلاعية على عينة عشوائية من مدراء المدارس ومساعديهم؛ وذلك بهدف التعرف إلى واقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، وكشفت تلك الدراسة عن وجود بعض أوجه القصور في مفهوم قيم المواطنة لدى مديري المدارس؛ حيث حصرها أغلب أفراد العينة في حب الوطن والانتماء إليه والولاء للسلطنة، ولم يتطرّقوا لعناصر المواطنة الأخرى كالحقوق، والواجبات، والمشاركة المجتمعية، والقيم العامة هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد تركزت استجابات أفراد عينة الدراسة فيما يتعلق بدور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة بالتأكيد على دور كل من المعلم والمناهج الدراسية وبخاصة مناهج الدراسات الاجتماعية من خلال الأنشطة الصفية واللاصفيَّة، دون التطرُّق لأية أدوار مباشرة للإدارة المدرسية سواء من خلال دورها في تهيئة مناخ مدرسي يساعد على تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة وتفعيل عناصر وأبعاد المواطنة، أو دورها في توظيف بعض الممارسات الإدارية كالتخطيط المدرسي وتنظيم العمل الإداري، والإشراف والتقويم لعمليتي التعليم والتعلم، وتوثيق العلاقة مع أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المحلي في مجال تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة,ومن هنا يجب أن ننظر اليوم إلى مدارسنا العمانية نظرة جديدة مغايرة، نظرة تدفعها إلى الانفتاح على المستجدات قادرة على تخريج فوج يتمتع بدرجات قصوى من حب هذا الوطن، قادر على العطاء، في ظل التمتع بالحقوق المشروعة، والقيام بالواجبات المناطة.

-كم من الوقت استغرق البحث وما هي أهدافه التي أردتي أن يتحقق فيها؟

استغرق البحث عام تقريباً (مارس 2010- فبراير 2011)، هدفت الدراسة إلى التعرف إلى واقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان والتعرف على أثر كل من: النوع، والمنطقة التعليمية على استجابات عينة الدراسة من الطلبة حول واقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان و التعرف على أثر كل من: النوع، والوظيفة، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة، والمنطقة التعليمية على استجابات عينة الدراسة من مدراء المدارس ومساعديهم حول واقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان بالإضافة إلى وضع تصوُّر مُقترح لتفعيل دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان.

–هل تعتقدين أن  هنالك خطة واضحة لتنمية قيم المواطنة لدى الطلبة؟

رغم اهتمام وزارة التربية والتعليم بموضوع تربية المواطنة والجهود التي تبذلها في ذلك سواء في مجال تطوير المناهج الدراسية خاصة مناهج الدراسات الاجتماعية أو في مجال تنفيذ العديد من الورش والندوات وأيضاً محورها الرئيسي المناهج الدراسية؛  أن الوزارة لم ترسم خطة واضحة لدور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، ولم يُستهدف الكادر الإداري بالمدارس في ورش العمل والندوات والبرامج التدريبية التي أقامتها الوزارة في مجال تربية المواطنة؛ ولاشك أن الإدارة المدرسية تمثل الركن الأساس الذي يقوم عليه كيان المدرسة والمحرك لطاقاتها وإمكاناتها البشرية والمادية، والموجه والمنسق لها لبلوغ الأهداف التربوية التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها.

-برأيك ما هو دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة ؟

إن دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة ليس فقط تكوين الطالب/المواطن الواعي الممارس لحقوقه وواجباته في إطار الجماعة التي ينتمي إليها بل هي بالأساس تربية على المبادرة والمسؤولية والاستقلالية، وهي لا تعِدّ فقط الجيل الصاعد لممارسة مواطنة نشطة بمراحل دراسته قبل الجامعية (التعليم ما بعد الأساسي)، بل تنمي لديه إذا ما عبئت الوسائل المناسبة (أسلوب القيادة الديمقراطي، وطبيعة المناهج، والأنشطة التربوية، والاستراتيجيات التعلمية وغيرها) القدرة على أن يكون في كل مرحلة تعليمية وفي كل سن وفي كل لحظة مواطنا بكل المقاييس.

– حدثينا عن الفصول الستة التي تناولتيها في دراستك؟

تناولتُ موضوع الدراسة في ستة فصول؛ حيث تناول الفصل الأول مشكلة الدراسة وأهميتها، أما الفصل الثاني فقد تناول الإطار النظري للدراسة وتناول الفصل الثالث طريقة وإجراءات الدراسة فيما استعرضت في  الفصل الرابع نتائج الدراسة وتم مناقشتها في الفصل الخامس، قدَّمتُ في الفصل السادس من الدراسة تصوراً مقترحاً لتفعيل دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة بأهدافه ومكوناته؛ حيث تضمن العديد من المقترحات والتوصيات العملية لكل محور من محاور الدراسة سواء من خلال المناخ المدرسي وعناصر وأبعاد المواطنة أو من خلال بعض الممارسات الإدارية.

– وما هي العينة التي قمتي باختيارها لإجراء الدراسة؟

  بعد التحقق من صدق أداة الدراسة وثباتها قمت  بتطبيقها على كل من مدراء المدارس ومساعديهم والطلبة للتعليم ما بعد الأساسي بأربع مناطق تعليمية وهي: (مسقط، والداخلية، والباطنة جنوب، وظفار)؛ حيث اخترت عينة الدراسة بطريقة عشوائية، وبلغ قوامها (1004) من الطلبة، و(55) من مدراء المدارس، و(51) من مساعدي مدراء المدارس.

– حدثينا بإيجاز عن  أبرز النتائج التي توصلتي إليها في دراستك ؟

 بعد معالجة البيانات إحصائيا أسفرت الدراسة عن عدة نتائج منها  دراسة درجة ممارسة الإدارة المدرسية لدورها في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان من خلال عناصر وأبعاد المواطنة (محاور الدراسة) من وجهة نظر الطلبة (عينة الدراسة) ضعيفة. أيضا  توجد فروق ذات دلالة إحصائية تعزى إلى متغير النوع(ذكور، إناث)؛ لصالح الإناث في جميع المحاور وفي المجموع الكلي؛ وبالتالي فإن الطالبات (الإناث) يرين أن درجة ممارسة الإدارة المدرسية لدورها في توفير مناخ مدرسي يساعد على تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، وفي تعزيز الانتماء، والحقوق، والواجبات، والمشاركة المجتمعية، والقيم العامة لديهن أكبر مما يراه الذكور.بالإضافة إلى أنه  توجد فروق ذات دلالة إحصائية تعزى إلى المنطقة التعليمية؛ لصالح المناطق: الداخلية، ومسقط، والباطنة جنوب مقابل محافظة ظفار، وذلك في إجمالي المحاور “الممثلة لواقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان من خلال عناصر وأبعاد المواطنة” من وجهة نظر الطلبة . أيضا لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغير النوع بالنسبة للإدارة المدرسية في استجابتهم لواقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي من خلال بعض الممارسات الإدارية و لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية لجميع محاور الدراسة والإجمالي تعزى إلى الوظيفة (مدير، مساعد مدير). و توجد فروق ذات دلالة إحصائية تعزى إلى المنطقة التعليمية لصالح منطقتي الداخلية والباطنة جنوب مقابل محافظة ظفار، وذلك لإجمالي المحاور الممثلة لواقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى طلبة التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان من خلال بعض الممارسات الإدارية من وجهة نظر الإدارة المدرسية (عينة الدراسة).

– ثرية ماذا تتمنى  ؟ 

 دراستي عملت على تكوين صورة واضحة عن علاقة الإدارة المدرسية بتنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، وهي بذلك تضيف بُعداً آخر لأبعاد دراسة المواطنة على المستوى الوطني حيث مجمل الدراسات الحالية تركز على دراسة مدى تضمين مواد المنهج لقيم المواطنة أو على استطلاع تصورات المعلمين عنها، فقبل ان أتمنى  أأمل بأن  يتم تزويد مدارسنا بنسخة من الدراسة والتي قد تكون بمثابة دليل ارشادي لتفعيل دور الإدارة المدرسية في مجال تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، وأتمنى أولاً دراستها من قبل المسؤولين ومتخذي القرارات التربوية للتعرف على واقع دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، والوقوف على أهم المشكلات التي تواجهها في هذا المجال؛ من أجل الحدّ من تلك المشكلات وتعزيز دورها في غرس وتنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، وكذلك دراسة التصور المقترح بالدراسة من قِبل المسئولين بوزارة التربية والتعليم والعمل على تطويره، وتقنينه، وتطبيقه بالمدارس؛ لتفعيل دور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة.كما أتمنى تتبنى الإدارة العليا -وزارة التربية والتعليم- فكر وثقافة المواطنة في البيئة المدرسية والعمل على تحليل ونقد واقع قيم المواطنة في المجتمع المدرسي وما هو متوقع في المستقبل؛ حيث تعتبر مساندة الإدارة العليا من أهم عوامل نجاح تفعيل الإدارة المدرسية لدورها في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة، كما ان من الضرورة بمكان أن تعمل الوزارة الموقرة على مراجعة الأنظمة، والسياسات، والخطط والمشاريع، واللجان وفرق العمل وغيرها؛ لتهيئة البيئة الثقافية والتنظيمية للمدارس لممارسة دورها الفاعل في مجال تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة

-أفصحي لنا عن  تطلعاتك لمستقبل دراستك وإلى ما تطمحين ؟

لاشك أننا نحتاج إلى العديد من الدراسات والبحوث في مجال تنمية قيم المواطنة لدى النشء خاصة في ظل النظام العالمي الجديد وتطوراته السريعة ، وما نتج عن ذلك مراهنات الدول على إسهامات نظم التعليم في بناء المواطن الصالح القادر على الإسهام في حل مشكلات الحاضر، ومواجهة تحديات المستقبل. ونظراً لعدم وجود دراسات وبحوث تُعنى مباشرةً بدور الإدارة المدرسية في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة ، فإن الدراسة الحالية أعتبرها  مدخلاً لدراسات وبحوث قادمة –بإذن الله- خاصة فيما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي من أجل مدرسة فاعلة في تنمية قيم المواطنة.وقد شاركت مؤخراً في تطبيق مقاييس مفهوم الذات والمواطنة ضمن دراسات المركز العربي للبحوث  التربوية لدول الخليج؛ حيث كنت ضمن الفريق الرئيسي الممثل للسلطنة في تطبيق المقاييس والتي أُعدت بهدف إعداد دليل مرجعي لاستراتيجيات تدريس المواطنة لمختلف المراحل الدراسية بالدول الأعضاء.أما من حيث الأعمال فأطمح في نشر ثقافة المواطنة وسبل تنميتها لدى النشء وذلك في مختلف الفعاليات المحلية والإقليمية من ندوات ومؤتمرات من خلال إعداد أوراق عمل في مختلف المحاور التي تطرقت لها الدراسة وغيرها من المحاور ذات العلاقة، وكذلك إعداد نشرات ومقالات في ذات المجال.

-نشر في فتون