الموهبة كالنبتة أو البرعم الذي يجب الاعتناء به برعايته وسقايته حتى ينمو وإلاّ هلك…
أخبرتني إحدى الأمهات أنّ معلمة منعت ابنها من الاشتراك في النشاط الكشفي وكان يعود للمنزل وفي عينيه دموع الحزن رغبة منه في المشاركة، فهو دائمًا يردد “أنا قوي، أنا ذكي” حتى أصبح ذلك الطفل لا يود رؤية تلك المعلمة لأنّها منعته من شيء يحبه.
لذلك ليس بمقدورنا أن نتحكم في موهبة الطفل، فالله تعالى وهبه هبات كثيرة لا تعد ولا تحصى لو استغلت بالطريقة المثلى لتحقق من ذلك عدة فوائد. فعندما تصف المعلمة الطالب بأنّه غير قادر وبأنه لن يستطيع أن يشترك في نشاط ما تكون مخطئة. أيضًا الأسرة لها الدور الكبير في احتواء ما يملكه الطفل من قدرات ومهارات في أن تنميها بالطريقة التي تكفل له رعاية تلك الموهبة والاعتناء بها. فكما قيل “ما خطّ قلم على ورقة ولا ضربت ريشة على لوحة فجعلت من صاحبها مبدعاً إلا من وراءه أب وأم يدعمانه فحري بكم كآباء وأمهات أن تتقبلوا تلك الطاقة الكامنة في روح ابنكم ويجب أن يُنزع فتيلها وتُحتوى تلك الموهبة ويوجه هذا الابن توجيهًا سليمًا حتى ترى موهبته النور.
الموهبة هي الشيء الذي لطالما تحدثنا فيه وكثرت المقالات والكتب في الحديث عنه، مثلما يقال “التكرار يفيد الشطار وفي الإعادة إفادة”.
إنّ الخيار في الأول والأخير هو خيار الطفل فكل طفل قد تكون لديه موهبة تختلف عن غيره ويجب علينا احتواؤها وأن ندعه يختار ما يحب بنفسه ونحن ما علينا سوى رعاية تلك الموهبة والأخذ بها حتى يكبر وتكبر معه موهبته وتكبر معه أحلامه وآماله.
فإن أراد ابنك أن يرسم، ابنِ فيه أملاً بأن يصبح رسامًا معروفًا وإن أرادت ابنتك أن تكون مصورة علميها روعة الحياة ومعالمها التي تستحق التأمل والتصوير.
إسلامنا اهتم اهتمامًا واضحًا بالموهبة وقدرها فرسولنا الكريم أعظم موهوب في هذه الأرض حيث إن به بصيرة فاقت من حوله، فسمى عمر بالفاروق ووصف علي بالشجاع، فلولا التربية القوية والتربية السليمة التي علمهم بها لما ظهر ذلك ولما ظهر حياء عثمان ولا حنكة ودهاء بن العاص. فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم خير مثال لاحتواء الموهبة ويظهر ذلك جليًا حينما وثق في حفظ زيد بن حارثة، حينما أمره بتعلم العبرانية والسريانية فتعلمها في أقل من 17 يوماً.
خلاصة القول، لا تسخر من موهبة طفلك ودعه يختار بنفسه، ولا تتعجب من دهاء طفلك وحماسه، كن له الروح التي تحب والحضن الذي يتبنى الموهبة والداعم لأفكاره الصغيرة التي بمقدورك أن تضع حروفك عليها لتصبح كبيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق